اغتيال أفتهان المشهري: جرس إنذار جديد لتعز الغارقة في الفوضى

بقلم/ محمد السُمعي
بألمٍ يعتصر القلوب وحزنٍ عميق يثقل الأرواح، ودّعت مدينة تعز صباح اليوم الأستاذة أفتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة، التي رحلت غيلةً وغدراً في جريمة تُلخّص حجم الفوضى والانفلات الأمني الذي صار السمة الأبرز لحياة أبنائها.
شخصية استثنائية ورحيل موجع
عرفت الأستاذة أفتهان بجدّها وإخلاصها في عملها، وبحرصها الدائم على أن تبقى تعز نظيفة رغم كل ما يحيط بها من أوجاع الحرب وقسوة الحصار. كانت رمزاً للنزاهة والعمل الميداني، لكنها دفعت حياتها ثمناً لغياب الدولة وعجز السلطات عن حماية موظفيها حتى وهم يؤدون أبسط واجباتهم تجاه المجتمع.
جريمة تتجاوز حدود الفرد
اغتيالها لم يكن حادثة عابرة، بل هو مؤشر خطير على أن المدينة باتت تُدار بلا دولة. مواطنون يواجهون مصيرهم وحدهم، ومتنفذون غارقون في الفساد والعبث يحوّلون دماء الشرفاء إلى وسيلة لإدامة نفوذهم. وفي المقابل، صمت رسمي مخزٍ لا يليق بحجم المأساة.
مسؤولية الحكومة الغائبة
إن حكومة تعز تتحمل كامل المسؤولية عن هذه الجريمة، ليس فقط بعجزها عن بسط الأمن، بل أيضاً بتواطئها وصمتها أمام تغوّل قوى الفساد. حياة الناس في تعز تحولت إلى رحلة خوف يومي، حيث لا يملك المواطن سوى التسليم لمصيرٍ غامض في ظل غياب منظومة عدل وأمن حقيقية.
صرخة أخيرة قبل الانهيار
رحيل أفتهان ليس مجرد فقدان لشخصية عامة، بل هو جرس إنذار جديد يدوّي في وجه الجميع: لا حياة كريمة ولا حقوق مصانة ما دام الفساد ينخر في جسد المؤسسات، وما دام المتنفذون هم الحاكم الفعلي فوق سلطة القانون.
فلترقد روحك بسلام يا أفتهان، لقد كنتِ نموذجاً للعمل المخلص في زمن العبث، وشهيدةً للواجب في مدينة تبحث عن العدالة فلا تجدها. سيظل دمك وصمة عار على جبين كل مسؤول قصّر أو تواطأ أو آثر الصمت، حتى يعترف الجميع أن تعز لن تنهض إلا بدولة قانون حقيقية تحمي أرواح مواطنيها قبل أي شيء آخر.